التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنعام

صفحة 430 - الجزء 2

  يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ٢٦ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ


  آيات محكمات نافعات بأدلة صحيحة تعرفها العقول، وحِكَم وإنذار وتبشير، وعلوم تخرج من اهتدى بها من الظلمات إلى النور، وأساطير: جمع أسطورة، والجدال: المجادلة أي المغالبة بالقول، قال تعالى: {وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}⁣[الكهف: ٥٦].

  (٢٦) {وَهُمْ} أي المذكورون فيما مر كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ} فالضمير لهم {يَنْهَوْنَ عَنْهُ} {يَنْهَوْنَ} عن الذي يقولون فيه: {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} ولو كان أساطير الأولين لكان واضح البطلان ولما احتاجوا إلى النهي عن استماعه، ولكنهم حين استمعوه سمعوه قرآناً عجباً فنهوا عن استماعه حذراً من إيمان من يستمع وقلبه سليم، ونهيهم عنه من جملة جرائمهم المذكورة في هذه السورة؛ لأنه صد عن سبيل الله.

  {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} يبعدون عنه، كراهةً لَه بعد ما سمعوه ووجدوه كلاماً لا يطيقه البشر {وَإِنْ يُهْلِكُونَ} بالنهي عنه والنأي عنه {إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} لأن وَبَالَ ذلك عليهم {وَمَا يَشْعُرُونَ} بسوء عاقبتهم لكفرهم، ولا يضرون بجدالهم ونهيهم ونأيهم دين الله ولا القرآن ولا الرسول ÷ وإن ظنوا أنهم بذلك يضعفون الحق؛ لأن الله يظهر دينه وينصر رسوله وكتابه، وما يشعر الكافرون المذكورون فهم يهلكون أنفسهم ولا يدحضون الحق وما يشعرون بذلك، أي ما يعلمون.

  ثم بيّن تعالى بعض وخامة كفرهم وهلاكهم به فقال تعالى: