التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 225 - الجزء 3

  الْكَافِرِينَ ٢ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ


  وفيه من [زوائد] ابنه عبد الله: حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن سليمان لوين حدثنا محمد بن جابر عن سماك عن حنش عن علي ت قال: لما نزلت عشر آيات من (سورة براءة) على النبي ÷ دعا النبي ÷ أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي ÷ فقال لي: (أدرك أبا بكر (رض) فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم) فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر (رض) إلى النبي ÷ فقال: يا رسول الله نزل فيَّ شيء، قال: (لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك») انتهى.

  وفي (الدر المنثور) للسيوطي: وأخرج ابن مردويه: عن سعد بن أبي وقاص (رض): أن رسول الله ÷ بعث أبا بكر (رض) ببراءة إلى أهل مكة ثم بعث علياً رضى الله عنه على إثره فأخذها منه، فكأن أبا بكر (رض) وجد في نفسه، فقال النبي ÷: «يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني» انتهى، وفي هذا روايات عديدة.

  (٢) {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} السياحة: السير الطويل في الأرض، والأمر بالسياحة كناية عن الأمان في هذه الأربعة الأشهر وهي من يوم إبلاغهم في الحج عاشر ذي الحجة إلى عاشر ربيع الأول فهي مهلة للمشركين يأمَنون فيها لينظروا لأنفسهم، فإما اختاروا الإسلام، وإما اختاروا الحرب، وقد أُمروا أن يعلموا: أنهم {غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} فهو قادر على قهرهم بنصر نبيه وبغير ذلك، لا يعجزونه بقوتهم ولا يعجزونه بهرب، وأُمروا أن يعلموا: {أَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} فعليهم أن لا يتعرضوا للخزي والهوان والعار، بل أن يسلموا ليسلموا الخزي من الله الذي يجعله على الكافرين.