سورة التوبة
  فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٤
  (٣) {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} الأذان: إبلاغٌ بصوت رفيع موجهٌ إلى الناس كلهم ليعلموا {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} بريء منهم، وهذا عام للمشركين من كان له عهد ومن لم يكن له عهد.
  و {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} عاشر ذي الحجة يوم طواف الزيارة المسمى طواف النساء لحلِّهِنَّ به، وعموم الأذان للمشركين يأتي تخصيصه قريباً، ومعنى براءته منهم إعلان الحرب بينه وبينهم، وأنه ليس لهم أمان من بعد هذا فلا يلحق الرسول ÷ عار من قتلهم ولا إثم.
  {فَإِنْ تُبْتُمْ} إلى الله أي رجعتم عن الإباق منه {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} في دنياكم وآخرتكم {وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} عن الله وأصررتم على الشرك {فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} وهذا تأكيد ليعلموا أنهم حرب لله وأنه غالبهم.
  {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} هذا إنذار بعذاب النار عبّر عنه بالتبشير تهكُّماً بهم؛ لأنهم أبوا إلا أن يعملوا ما يؤدِّيهم إليه كأنهم طالبون له.
  (٤) {إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} أي وَفَوا بالعهد وفاءً كاملاً لم ينقصوا مما عاهدوا عليه شيئاً {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} ولم يعينوا عليكم أيها المؤمنون أحداً {فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} وهذا تخصيص لعموم البراءة والأذان أخرجَ منه من قد جرّبه المؤمنون موفِياً بعهده على التمام، فمن التقوى أن يبقى المؤمنون على العهد بينهم وبينه، ويبقى آمناً منهم إلى مدة الأجل الذي جُعل حداً للصلح والعهد.