التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 228 - الجزء 3

  الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ٦ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧ كَيْفَ وَإِنْ


  {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يغفر لمن تاب إليه ويرحمه، وتخلية سبيلهم أن لا يُعتَرَضوا في سبيل بل يُترَكوا ليذهبوا حيث شاءوا، وهذا تخصيص ثانٍ من عموم البراءة والأذان.

  (٦) {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} طلبك أن تجيره ممن يخاف منه القتل أو نحوه {فَأَجِرْهُ} فاحمِهِ من ذلك {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} لزيادة الحجة عليه إذا سمعه؛ لأنه يعرف أنه كلام الله بكونه خارقاً في كماله {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} مثل: بلده أو أصحابه حيث يأمن، وبذلك لا يبقى له جوار إذا بلغ مأمنه {ذَلِكَ} الحكم بأن يجار حتى يسمع كلام الله ثم يُبلغ مأمنه {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} لعدم استعدادهم للعلم ولإعراضهم واشتغالهم بدنياهم فالآيات تمر عليهم فيعرضون عنها، ففي حالة استجارة المشرك قد يتذكر وينتبه إذا سمع القرآن، ففي هذا تخصيص مؤقت لهذه الحالة يخرجها من عموم الأذان والبراءة.

  (٧) {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ}؟ وهذا يدل على أنهم لا يصلحون لعهد لما يأتي بيانه في الآية التي بعد هذه.

  وقوله تعالى: {إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ} استثناء لأناس مخصوصين قد مضت معاهدتهم واستقاموا عليها، وقوله تعالى: {عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}