التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 229 - الجزء 3

  يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ٨ اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا


  أي عند الكعبة {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ} على العهد لم يميلوا {فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} واستقامتكم حينئذ من التقوى.

  (٨) {كَيْفَ} يكون للمشركين عهد {وَ} لا وفاء لهم بل {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} يكونوا أقوى منكم حتى يتمكنوا من قتلكم أو أخذكم {لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً} إما {لا يَرْقُبُوا} لا ينتظروا إلاَّ عهداً، أي لا ينتظروا تمام مدة عهد ولا مدة ذمة، أو لا ينظرون إلى عهد ولا ذمة ولا يلتفتون إليه، وهذا الذي أفاده في (المصابيح).

  قال في (الصحاح): «الرقيب: الحافظ، والرقيب: المنتظر، تقول: رَقَبْتُ الشيء أرْقُبُه ...» إلخ. قلت: وإذا كان في الآية بمعنى لا يحفظون فهو مستقيم؛ لأن معناه: أنهم يضيعون العهد والذمة؛ لإهمالهم لهما.

  وفي (مفردات الراغب): «وَرَقَبْتُهُ: حفظته، والرقيب: الحافظ» انتهى، وقال الشرفي في تفسير قول الله تعالى - حاكيا عن هارون # -: {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}⁣[طه: ٩٤] أي تحافظ على وصيتي في قولي لك: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ}⁣[الأعراف: ١٤٢] ولم تعمل بموجَبها» انتهى المراد.

  وأما الذمة: فقال في (لسان العرب): «وفي الحديث ذكر الذِّمَّة والذَّمَّام، وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق» انتهى المراد.

  وفي الحديث: «لا تعطوا القوم ذمتي ولا ذمةَ الله، فالمخفر ذمة الله لاق الله وهو عليه ساخط، اعطوهم ذمتكم وذمم آبائكم وفوا لهم، فإن أحدكم لأَنْ يُخفِر ذمته وذمة أبيه خير له من أن يخفر ذمة الله وذمة رسوله» انتهى من (مجموع الإمام زيد بن علي @).