التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة التوبة

صفحة 232 - الجزء 3

  نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١٣ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ١٤ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ١٥


  (١٣) {أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} {أَلا تُقَاتِلُونَ} إنكار على المؤمنين كأنه قيل: كيف لا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} بقتالكم يوم بدر {أَتَخْشَوْنَهُمْ}؟ فتتركون قتالهم خوفاً منهم {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ} لأن عذابه أشد من قتال القوم، وهذه الآيات يظهر أنها نزلت في الحث على فتح مكة وقتال قريش، وذلك متقدم قبل نزول العشر الآيات التي في أول (براءة).

  (١٤) {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} وهذا أمر وترغيب بذكر فوائد ونصرٍ، وهو غاية الترغيب، وقوله تعالى: {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} بقتل من يقتل وغيظ قرابته منهم وأصحابه.

  وقوله: {وَيُخْزِهِمْ} يذلُّهم ويفضحهم بعجزهم عن الدفاع واستسلامهم بعد كبرهم وعنادهم، وقوله: {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} أي إن تقاتلوهم ينصركم {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قد ظلَمَهم المشركون كثيراً ففي قلوبهم حرارات وحقد على الكفار لا يشفيها إلا قتال الكفار وإخزاؤهم والنصر عليهم.

  (١٥) {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} {وَيُذْهِبْ غَيْظَ} قلوب هؤلاء المؤمنين الذين غاظهم المشركون كثيراً حتى رسخ الغيظ في قلوبهم فلا يذهبه إلا ما ينال المشركين بقتال المؤمنين لهم.