سورة هود
  
  وكذا قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ٩] خطاباً للعرب الذين ينكرون قدرته تعالى على إعادتهم بعد الموت، وتأويلها بأيام من أيام غير الأرض خلاف الظاهر، وتفسيره بمطلق الأوقات يبطل فائدة التحديد بيومين ثم بأربعة أيام، بل لا يبقى لذكر الأيام فائدة تذكر؛ لأن خلقها لا موجب لذكر وقته إذا لم يكن لَه حد محدود مفهوم يؤدي إلى معرفة عظم قدرته تعالى، وتأويله بأطوار الخلق خلاف الظاهر؛ لأن أطوار الخلق من الخلق لا من زمانه.
  وأما قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} المعنى: كان سلطانه وأمره على الماء، وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: العز والسلطان» انتهى.
  وفي (مصابيح الشرفي) |: «قال القاسم #: تأويله وكان [ظن] كل ملك الله على الماء، إذ ليس إلا الماء كما ملكه اليوم على الأرض والسماء وعلى جميع ما فيهما من الأشياء» انتهى.
  {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} {لِيَبْلُوَكُمْ} تعليل لخلق السموات والأرض، وبيان أنه تعالى خلقهما ليبلو أي ليختبر الناس أيهم {أَحْسَنُ عَمَلا} ويترتب على هذا الإبتلاء الجزاء، كما قال تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الجاثية: ٢٢] ولكن الجزاء للعمل الحسن والأحسن هو بالثواب عليهما، فثواب المحسنين غاية مستقلة مقصودة بخلق السموات والأرض، وذلك أي خلق السموات والأرض من دلائل البعث؛ ولذلك عطف قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}