سورة هود
  لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٨ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ٩ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ
  فهم مكابرون مكذبون بالقرآن الدال بإعجازه على أنه من الله ليس سحراً، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده وينذرهم عذاباً شديداً، ويبين لهم دلائل قدرة الله وعلمه المحيط بكل شيء فيجحدون البعث والجزاء الذي من أجله خلق الله السموات والأرض فما أضلهم وما أبعدهم عن نفع أنفسهم.
  (٨) {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} وهذه منهم حماقة عجيبة؛ لأنهم قد تعرضوا لعذاب الله ولو قد نزل لندموا حين لا ينفعهم الندم وليس بالأمر السهل.
  وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «وقوله تعالى: {إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} معناه: أجل معدود» انتهى.
  ومعنى: {مَا يَحْبِسُهُ} ما يمنع نزوله وإصابتهم به؟ وهو استهزاء بوعد الله {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} {أَلَا} حرف تنبيه ينادي بغفلتهم المهلكة لهم {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} العذاب لا يرتد عنهم ولا يصرفه عنهم صارف لا إيمان عنده ولا قوة ولا ناصر ولا شافع {وَحَاقَ بِهِمْ} أحاط بهم {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
  قال الشرفي في (المصابيح): «وقوله: {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وضع يستهزئون موضع يستعجلون؛ لأن استعجالهم كان على جهة الإستهزاء» انتهى.