سورة هود
  ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ١٠ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١١ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا
  (٩ - ١١) {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} {أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ} نعمة شأنها أن تبعثه في كل حال على رجاء الخير منا؛ لأنها رحمة مبتدأة فمن حقه لو استعمل عقله أن يرجو من ربه مثلها وأمثالها {ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} نزعنا منه تلك النعمة فمصائب الدنيا كلها إنما هي نزع نعمة.
  {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ} كثير اليأس والقنوط من رحمة الله {كَفُورٌ} لنعمة الله فهو ينساه ويغفل في حالة اليأس عن كون الخير من ربه ينعم به على عبده ابتداءً وقد كان في نعمته قبل نزعها فكيف لا يرجو منه الخير {كَفُورٌ} يحتمل كفور لنعمة ربه، ويحتمل {كَفُورٌ} بقنوطه: {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}[يوسف: ٨٧] وصح بعد قوله: {لَيَئُوسٌ} لتعدد المفهوم، فكأنه قال: يؤوس كفور بقنوطه.
  {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ} قد وجد لذتها وتحققها {بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} من فقر أو غيره {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} ذهب عني ما يسوءني وصلحت حالتي لا يهمه إلا نفسه، فإذا زالت عنه الضراء ووجد لذة النعماء لم يشكرها بل يفرح بها ويفخر على غيره بها فيقول: {ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} سروراً بها واطمئناناً إليها وفخراً على من ليس لَه مثلها، وما كان ينبغي للإنسان إلا أن يصبر عند البلاء، ويشكر ربه عند الرخاء.