التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة هود

صفحة 434 - الجزء 3

  ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ١٠ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١١ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا


  (٩ - ١١) {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ۝ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ۝ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} {أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ} نعمة شأنها أن تبعثه في كل حال على رجاء الخير منا؛ لأنها رحمة مبتدأة فمن حقه لو استعمل عقله أن يرجو من ربه مثلها وأمثالها {ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} نزعنا منه تلك النعمة فمصائب الدنيا كلها إنما هي نزع نعمة.

  {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ} كثير اليأس والقنوط من رحمة الله {كَفُورٌ} لنعمة الله فهو ينساه ويغفل في حالة اليأس عن كون الخير من ربه ينعم به على عبده ابتداءً وقد كان في نعمته قبل نزعها فكيف لا يرجو منه الخير {كَفُورٌ} يحتمل كفور لنعمة ربه، ويحتمل {كَفُورٌ} بقنوطه: {إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ}⁣[يوسف: ٨٧] وصح بعد قوله: {لَيَئُوسٌ} لتعدد المفهوم، فكأنه قال: يؤوس كفور بقنوطه.

  {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ} قد وجد لذتها وتحققها {بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} من فقر أو غيره {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} ذهب عني ما يسوءني وصلحت حالتي لا يهمه إلا نفسه، فإذا زالت عنه الضراء ووجد لذة النعماء لم يشكرها بل يفرح بها ويفخر على غيره بها فيقول: {ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} سروراً بها واطمئناناً إليها وفخراً على من ليس لَه مثلها، وما كان ينبغي للإنسان إلا أن يصبر عند البلاء، ويشكر ربه عند الرخاء.