سورة هود
  يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ١٢ أَمْ يَقُولُونَ
  وقد استثنى الله المؤمنين فقال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} لأنهم يصبرون على بلاء الله وتقواه ويعملون الصالحات شكراً {أُولَئِكَ} أهل هذه الصفات {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لخطيئاتهم {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} على أعمالهم الصالحات، فبشرهم بالنجاة من العقاب والفوز بالثواب وهذه الأيات تدل على أن الإنسان أقرب إلى الكفر والغرور منه إلى الإيمان والشكر ولذلك رتب على ما حكى عن الكفار من العناد قوله تعالى:
  (١٢) {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} فثقيل عليك تبليغهم حتى كأنك تعجز عن بعضه مع شدة كتمانه عليك وضيق صدرك بحيث إنك تطلب التنفس بتبليغه من جهة ضيق صدرك عن كتمانه ويثقل تبليغهم من جهة عنادهم وبعدهم عن قبوله وكراهتك أن يقولوا كفراً وجدالاً بالباطل {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ} أي على محمد {كَنْزٌ} لأنه لا يهمهم إلا الدنيا وأغراضها ويعتبرونها الخير كله ومن قولهم الذي تحاذره {أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} رسولاً إلينا احتقاراً لمحمد ÷ لقلة ذات يده وقلة أتباعه في أول الإسلام فيرونه ليس أهلاً للرسالة وحده ولو كان معه ملك لكان عندهم أهلاً أن يؤمنوا به لمكان الملك.
  فردّ الله عليهم بقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} تنذرهم العذاب الشديد فلا تحتاج إلى كنز ولا إلى مقارنة ملك رسول معك؛ لأن الإنذار يتم بدون ذلك،