التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة هود

صفحة 436 - الجزء 3

  افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٣ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ


  ولا تدعي أمراً يتوقف على الكنز أو المَلَك، وقد تم الإنذار بآيات الله الدالة على صدقك {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} فأمرهم إليه وإليه مآبهم وعليه حسابهم فكِل أمرهم إليه واثبت على إنذارهم وتبليغهم.

  (١٣) {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {أَمْ يَقُولُونَ} إضراب عن توقع قولهم: {لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} إلى السؤال أيقولون: {افْتَرَاهُ} أي افترى هذا القرآن على الله وليس من الله.

  {قُلْ} يا رسول الله فإن كنتُ افتريتُه {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} في الحكمة والإحكام {مُفْتَرَيَاتٍ} تفترونها أنتم وغيركم، فإنه إذا أمكن أن افتريه أمكن غيري أن يأتي بمثله مفترى، وهذا جواب مسكت؛ لأنهم أرادوا أن القرآن ليس معجزة، فإذا لم يكن معجزة فليأتوا بمثله.

  وقوله {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} تعجيز لهم بأن يأتوا بحديث مثله في حكمته وإحكامه وإنما تذكر السورة والعشر لتوضيح عجزهم، وإذا عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله، فهم عاجزون عن الإتيان بعشر، ولا تعارُض لأنهم إذا عجزوا عن الإتيان بعشر، فقد عجزهم في موضع آخر بسورة فلو استطاعوا سورة وجاءوا بها لأبطلوا التعجيز بسورة.

  وإذا بطل التعجيز بسورة بطل التعجيز بعشر؛ لأن ما كان من مقدور البشر لا يختلف فيه السورة الواحدة والعشر في إمكان الإتيان به غاية ما في الأمر أن تحتاج العشر إلى وقت أطول أو إلى أعوان أكثر فلوا استطاعوا السورة لاستطاعوا العشر.