التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة هود

صفحة 437 - الجزء 3

  وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ١٤ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ١٥ أُولَئِكَ


  فإن قيل: فما فائدة ذكر العشر؟

  فالجواب: إن المكابر يصلح لَه ما هو أوضح في عجزه لإسكاته مع أن التعجيز بالعشر صحيح؛ لأنه لو كان القرآن قول البشر لاستطاعوا العشر لأنه لم يحدد لها وقتاً ولا عدداً من الناس أو غيرهم، بل قال: {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ} أي ليعينكم على تحصيل العشر السور، وقوله تعالى: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} يطابق قولهم: {افْتَرَاهُ} لأنهم أرادوا ليس من الله فعجزهم أن يأتوا بعشر ليست من الله، وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي في قولكم: {افْتَرَاهُ}.

  (١٤) {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} أي مَن دعوتموهم لمعاونتكم على الإتيان بعشر سور من مثله لم يستجيبوا لكم إلى الإتيان بعشر والمعاونة عليها؛ لأنهم آيسون من ذلك لعلمهم أن هذا القرآن معجز.

  {فَاعْلَمُوا} أيها الكافرون بوضوح الدليل القاطع أنه من الله أنزله بعلمه بالحكمة والإحكام الذي يعجز البشر عنه لقصور علمهم وعلمه تعالى محيط بكل شيء بالحكمة التي لا يحيط بها البشر والإحكام الذي يعجز عن مثله البشر ومحيط بقلوب البشر ونفسياتهم وما هو أحسن أثراً فيها من أسلوب التعبير وغيره لمن يهتدي بالقرآن.

  وقوله تعالى: {وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي واعلموا أن لا إله إلا هو؛ لأن الله قد بيَّن في القرآن أن لا إله إلا هو، وقد صح أن القرآن كلام الله أصدق القائلين، فالحجة هذه تثبت أن القرآن كلام الله وتثبِت بطلان الشرك وأن لا إله إلا الله.