سورة النحل
  فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ٦ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ٧ وَالْخَيْلَ
  وقوله: {تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فشركاؤهم لم تخلق شيئاً وهي أضعف من ذلك، فالله تعالى عنها بجلاله وقدرته وعلمه، فالمشركون بها الذين جعلوها أنداداً لله تعالى قد ضلوا ضلالاً بعيداً.
  (٤) {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} وهي آية عظيمة تدل على قدرته وعلمه وعلى أنه قادر على إحيائه بعد الموت، والإنسان فَإِذَا {خَصِيمٌ} مخاصم مجادل في قدرة الله تعالى على إحيائه بعد الموت وهو نفسه حجة عليه فناسب ذلك الإتيان بـ (إذا) التي للمفاجأة، لأنه لا يحتاج في معرفة قدرة الله على إعادته إلا أن يتذكر أنه خلقه من نطفة كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}[يس: ٧٧ - ٧٨] فهو {خَصِيمٌ مُبِينٌ} بَيِّن الخصومة لخالقه، فقَدَ كفر نعمة الله عليه بخلقه، وكفر نعمة الله عليه بما جعل له من النعم في السماء والأرض.
  (٥) {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} {وَالأَنْعَامَ} آية ونعمة آية تدل على قدرته وعلمه ونعمة للإنسان {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} في (تفسير الإمام زيد بن علي @): «فالدفء: ما استدفئ به من أوبارها» انتهى.
  وليس الدفء خاصاً بأصوافها وأوبارها وأشعارها فإن الحليب يحصل به نفع من البرد وكذلك اللحم والمرق، وقوله تعالى: {وَمَنَافِعُ} يأتي في السورة هذه تفصيل لبعض منافعها {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} فهذه آيات ونعم.
  (٦) {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} جمال في الرواح إذا أرجعوها من مراتعها لتبيت، فهي جمال لأهلها من حيث هي مال نافع