التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النحل

صفحة 179 - الجزء 4

  ١٧ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ١٨ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ١٩ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا


  {وَأَنْهَارًا} ألقى في الأرض أنهاراً مجاري للماء أو المراد الماء الجاري في الأنهار {وَسُبُلًا} طرقاً في الأرض {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} في تنقلكم في الأرض بواسطة السبل فتبلغوا ما قصدتم من النواحي وتسلموا التيه والضَّياع.

  وقوله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ} من الجبال ونحوها يهتدي بها المسافرون، والعلامات يعرفها من قد سافر فيتخذها علامات لنفسه ويَعرفها غيرُه بتعريفه.

  وقوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فالنجم يتخذونه علامة في الليل يعرفون به الجهة، والنجم: إما مطلق يصدق بأي نجم، وإما خاص بالثريا لكثرة الاهتداء بها في الشتاء؛ لأنهم كانوا يسافرون في الشتاء إلى الحبشة فيركبون البحر الأحمر وفيه يحتاجون العلامات من النجوم، والثريا تكون أول الليل في جهة المشرق فيعرفون بها الجهات.

  (١٧) {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} {أَفَمَنْ يَخْلُقُ} وهو الله الذي خلق ما مرّ ذكره في السورة وغيره مما هو آية ونعمة وهذا إنكار على المشركين الجاهلين بالله الذين جعلوه كشركائهم وألحقوه بخرافاتهم، ولذلك نزلوه منزلتها وجعلوها أنداداً له سبحانه وتعالى {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} من غفلتكم عن الله فتتفكرون في آياته وتعبدونه وحده.

  (١٨) {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} أي نعم الله كثيرة جداً لا نستطيع احصائها بعدٍّ، وهذا يوجب شكره وإخلاص العبادة له {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} لأنه ينعم على عباده حتى في حال كفرهم لأنعمه ولا يعاجلهم بالهلاك أو قطع الرزق، وذلك مغفرة في العاجلة ورحمة.