التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النحل

صفحة 180 - الجزء 4

  يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ٢٠ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ٢١ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ


  (١٩) {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} فهو الذي يرجى ويخشى؛ لأنه يسمع الدعاء ويقضي الحاجات ويعلم بكفر من كفر نعمته فهو الذي ينبغي أن يعبد خوفاً وطمعاً.

  (٢٠) {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} والذين يدعوهم المشركون أي يعبدونهم بالدعاء {لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا} فكيف رجوا منهم النفعَ أو دفع الضرر وليس لهم دليل على أنهم يقدرون على نفع أو دفع {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} يُصنَعون تماثيل أو أنصاباً يُنحَتون منها حتى تصير مستوية.

  والخلق هنا بمعنى التقدير، كقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ}⁣[المائدة: ١١٠] لأن قوله تعالى: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} الفعل فيه يفيد التجدد والتكرار ولو كان المعنى خلق الله لهم لكان التعبير عنه: وهم مخلوقون أو خلقهم الله، والتعبير عنهم بعبارة العقلاء لا يدل على ذلك، وإنما هو من لغة العرب، وليس معناها أنهم يعلمون؛ ولعل السبب اعتقادهم أنهم يعلمون فجعلوا لها ضمير من يعلم، وليس الضمير هذا معبِّراً عن العلم، ولكنه في الأصل - والله أعلم - خاص بمن يعلم ثم صار لمن يعلم ولأصنامهم التي لا تعلم.

  (٢١) {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} شركاؤهم أموات لأنها جمادات أحجار أو من المعادن أو نحوها {غَيْرُ أَحْيَاءٍ} فهي لا تسمع دعاءهم ولا تعلم ما يصنعون لها {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ} أي متى