التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النحل

صفحة 181 - الجزء 4

  مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ٢٢ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ٢٣ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ


  {يُبْعَثُونَ} أي يبعث العابدون لها لأنها لا تعلم شيئاً فضلاً عن أن تعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، قال الشرفي في (المصابيح): «وفيه تهكم بالمشركين».

  (٢٢) {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} كالنتيجة التي أفادها ما سبق من الاحتجاج من قوله تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} وما بعدها من تعداد النعم وذكر الرزق وآيات قدرته، فأفاد أن الله رب الناس الخالق لهم الرازق لهم وأنه المستحق لأن يعبدوه، فأفاد أنه الإله وأن شركاءهم إنما هم عباد أمثالهم ليس لها فيهم شرك ولا تستحق عبادة، فتبين أن إلههم وإلَهَنا إله واحد هو الله ربنا.

  وقوله تعالى: {فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} تفريع على قوله: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي أن قلوبهم منكرة هذا القول وهم مستكبرون من أن يقال هذا القول، كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ}⁣[الصافات: ٣٥] والراجح في معنى الإنكار هنا: أنه إما انقباض من هذا الكلام، كقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ}⁣[هود: ٧٠] وقوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ}⁣[المؤمنون: ٦٩] وقول الشاعر:

  وأنكرتني وما كان الذين نكرت ... من الحواث إلا الشيب والصلعا