سورة النحل
  الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ٢٦ ثُمَّ يَوْمَ
  وأصل معنى الوزر: الثقل والذنب يشبَّه به، قال تعالى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}[الأنعام: ٣١] وقوله: {كَامِلَةً} دليل على أنه لا يحمل عنهم بعضها أو يسقط عنهم بالعفو مثلاً.
  وقوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} يحملها المضلون؛ لأنهم سببوا لها فكانت من آثارهم وهذا من غير أن ينقص شيء عن المضلين من إثمهم، وقوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي اتبعوا المضلين بغير علم بل تقليداً كما هو شأن الأتباع.
  وقوله تعالى: {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} {أَلَا} حرف تنبيه لما بعدها و {سَاءَ مَا يَزِرُونَ} أي {سَاءَ} ما يحملون من الأثقال، وفيه إشارة إلى أن الأصل في الحمل أن يحمل لفائدته للحامل، مثل: حب، أو فاكهة، أو بضاعة، أو أي متاع، كما مر في قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} ولكن هؤلاء الكفار يحملون ثقلاً ضاراً لهم غير نافع، فما أسوأ {يَزِرُونَ}.
  (٢٦) {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} احتالوا في الكيد ضد نبيهم ولعلهم قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام مكروا حين ألقوه في النار.
  وقوله: {مِنْ قَبْلِهِمْ} أي من قبل هؤلاء الكفار {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} أي دمره الله {مِنَ الْقَوَاعِدِ} أي قواعد البنيان، وهي الأسس أي المواثر، وقوله: {فَأَتَى اللَّهُ} كقوله تعالى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}[الحشر: ٢] فأتيانه فِعْلُهُ.