التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 277 - الجزء 4

  آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ١٢


  ومن الدعاء بالشر: دعاء العبد على نفسه أو أهله أو ولده أو نحو ذلك عند الغضب أو الضجر، وقد يكون ذلك شراً له، وهذا في دعائه لله تعالى، وكذلك قد يطلب من الله حاجة هي شر لَه وهو يظنها خيراً.

  وقوله تعالى: {دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} أي كدعائه بالخير فهو يجدّ في الطلب كما لو كان يطلب خيراً، وقد يَعْجَل على قضائها ولو عجلت له لكانت شراً له، فهذا تذكير للإنسان ليترك العجل على قضاء ما دعا اللهَ به وليتثبت في الأمور ويهتدي بهدى القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم ولا يطاوع نفسه عند غضبٍ أو هوى.

  (١٢ - ١٣) {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} {وَجَعَلْنَا} الواو لعطف آية كونية على ما تقدم من ذكر الهداية بالتوراة والقرآن، ففي الوحي آيات سمعية وفيه ذكر آيات كونية، وهنا ذكر تعالى آيتين {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} تدلان على قدرة الله تعالى وعلى فضله وإنعامه على عباده، فالليل راحة للإنسان من الأعمال واستعادة بالنوم لقُواهُ الفكرية والجسدية بعد تعب النهار، أما النهار فللإبتغاء من فضل الله لطلب الحاجات الدينية والدنيوية كطلب العلم والحرث والتجارة وغير ذلك من الأعمال.

  وقد جمع تعالى ما تفرق في آيتين في (سورة يونس) [آية: ٥، وآية: ٦] جمعه في هذه الآية، إلا أن هناك زيادة ما خلق الله في السموات والأرض.