التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 278 - الجزء 4

  


  وفي هذه الآية التي نحن في تفسيرها أوجز بذكر الليل والنهار وهناك زيادة ذكر اختلافهما وقد أفادته هذه الآية؛ لأنها تذكر الليل والنهار وهما معهودان بتحديدهما اللازم لاختلافهما، والمراد بآية الليل الآية التي تظهر في الليل التي هي القمر ومحوها نقص نور القمر حتى لا يبقى إلا الهلال، كقوله تعالى: {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}⁣[يونس: ٥] وجعل السواد فيه، وآية النهار الشمس، فالليل والنهار آيتان، واتصل بذكرهما ذكر الآيتين اللَّتَين فيهما.

  ولعل هذا مراد الناصر بن الهادي @ فيما حكاه عنه الشرفي في (المصابيح) حيث قال: «يعني بذلك ø ما خلق من الشمس والقمر وما جعل الله بينهما من الفرق الواضح، وما فضل به ضوء النهار على ظلمة الليل، وما أتقن به من الصنع والتدبير لعمارة الدنيا ومصالح الخليقة، وذلك قوله: {لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} يعني تصرفهم في طلب المعاش وقوام الحياة.

  {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} فهذا ما لا يخفى على أحد من عدة الأيام والشهور والسنين نعمة منه ø ورحمة ليعرفوا الأوقات والمُدد والحساب والعدد والصيام في وقته والحج في وقته والآجال بينهم في معاملاتهم وأحكامهم وأعيادهم ونكاحهم وجمعهم وديونهم وأسفارهم ومزارعهم والأسباب التي لا غنى بهم عنها ولا قوام لهم إلا بها» انتهى.

  وهو واضح حيث كان المراد بآية الليل القمر لقول الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}⁣[البقرة: ١٨٩] وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}⁣[يونس: ٥] راجع تفسيرها في أوائل (سورة يونس).