التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 279 - الجزء 4

  وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ١٣ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ١٤ مَنِ


  وقوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} هو عام في كل المخلوقات وكلها آيات مفصلات أي مميَّزات بما يبين دلالتها على الله القدير العليم.

  (١٣) {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} {وَكُلَّ} هو عطف على ذكر هداية الناس بالقرآن وغيره وبالآيات الكونية يبين أن الإنسان إن اهتدى أو أبى فعمله لازم لَه لا يفارقه ما مات عليه حشر عليه ليس يفارقه وهو {طَائِرَهُ} أي سعده أو نحسه؛ لأن عمله سبب سعده إن كان صالحاً أو نحسه إن كان سيئاً، قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}⁣[الأعراف: ١٣١] أي يتشاءموا، وكان بعض يتشاءم بالطير إذا طار إلى جهة اليسار ويتيامن بالطير إذا طار إلى جهة اليمين ثم صار التطير اسماً للتشاؤم أو للتفاؤل كله.

  قال الراغب في تفسيره (مفردات القرآن): «أصله التفاؤل بالطير، ثم يستعمل في كل ما يُتفاءَل به» انتهى، ونحو هذا في (مصابيح الشرفي) وقال في (الصحاح): «وطائر الإنسان: عمله الذي قِلِّدَه» انتهى.

  وقوله تعالى: {فِي عُنُقِهِ} ترشيح لجعل عمله لازماً له لا يفارقه، قال في (الكشاف): «والمعنى: أن عمله لازم لَه لزوم القِلادة أو الغُل ومنه مَثَلُ العرب: تقلّدها طوقُ الحمامة، وقولهم: الموت في الرقاب ..» إلخ.

  وقوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} أي نحضره له ونظهره له ليقرأه فيكون حجة عليه؛ لأنه يرى عمله فيه ويتذكره ويقرؤه كل إنسان سواء كان في الدنيا قد عرف الكتابة أم لا.