سورة الإسراء
  اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ
  ولعله - والله أعلم - يكون كـ (السينما) و (التلفزيون) يرى نفسه ويسمع كلامه فيه ليكون حجة عليه كنطق جوارحه، وأما الله سبحانه فهو غني عن الكتاب لا يضل ربي ولا ينسى، وقوله تعالى: {كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} والمنشور خلاف المطوي لأنه ينشر ليرى ما فيه ببسطه لقارئه.
  (١٤) {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} خطاب موجَّهٌ يوم القيامة إلى الإنسان الذي لقي كتاب عمله {اقْرَأْ كِتَابَكَ} لترى عملَك فتحاسِب نفسك وتقرر منه مالك أو ما عليك بعلمك بذلك، وقوله تعالى: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} أي لا تحتاج لمحاسب غيرك بل أنت تكفي محاسباً لنفسك، وقوله تعالى: {الْيَوْمَ} أي يوم القيامة؛ لأنه لو جحد الحق ما نفعه الجحدان ولأن المراد الإحتجاج عليه بما يعرف به عمله وما يستحقه من الجزاء فإذا عرف حصل المراد.
  وقوله تعالى: {عَلَيْكَ حَسِيبًا} أي عليك محاسباً بذنوبك، فأما الحسيب بأعماله الصالحة فهو بالأولى أن يكفي لأنه لا يحتاج فيه إلى تقريره والإحتجاج عليه لإثباته.
  (١٥) {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} هذا تفصيل لما أجمله في الآيات الثلاث التي قبله {مَنِ اهْتَدَى} انتفع بالهدى فاتبع سبيل ربه ومن ضل أي غوي عن سبيل ربه فاتبع غيرها {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} نفع اهتدائه لَه لا لله {وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ} على نفسه لا على ربه فلا يضره شيئاً بل ضره على نفسه.