سورة الإسراء
  خَبِيرًا بَصِيرًا ١٧ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ١٨ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ
  وقوله تعالى: {فَفَسَقُوا فِيهَا} فجروا فجوراً زائداً وخبثوا خبثاً استحقوا به مع فسقهم السابق تعجيل العذاب لهم كعقر الناقة والعدوان في السبت {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} الوعيد السابق واستحقت تطبيقه واقتضت ذلك الحكمة، وقوله تعالى: {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي أهلكنا أهلها ودمرنا مساكنهم وما فيها وما في القرية تدميراً ساحقاً لا يبقي على أحد.
  (١٧) {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} أي كثيراً من القرون أهلكنا، وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} يشير إلى كثرتهم وأنهم لم يعتبروا بمن قبلهم، وقد سمى الله تعالى في القرآن بعضهم وأفاد أنه لم يسمِّهم كلَّهم، قال تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}[الفرقان: ٣٨] وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ}[إبرهيم: ٩].
  وقوله تعالى: {وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} أي أنه العليم بها كلها وبخبر كل عمل ومقداره في القبح، وأنه البصير بها في المجازاة عليها بتعجيل أو تأجيل، وعلى كل ذنب بقدره فأي قرية استحقت الإهلاك فلن تخفى عليه، وفي هذا تحذير للكفار نبيئنا محمد ÷. قال في (الصحاح): «والذنب: الجرم» انتهى.
  (١٨) {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} {يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} يختارها ويؤثرها، والعاجلة الحياة العاجلة، كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}[هود: ١٥].