التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 289 - الجزء 4

  فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ٢٥ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ٢٦ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ


  قال الشرفي في (المصابيح): «قال الحسين بن القاسم #: معناه: كما غذواني طفلاً، والتربية: هي الغذاء، والكفالة، والحضانة في لغة أهل الحجاز، وهي البزاية في لغة أهل اليمن، والمراد: ادع لهما بالرحمة الباقية من الله جزاءً لرحمتهما عليك في صغرك» انتهى.

  (٢٥) {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} كله مما يتعلق بالوالدين مثل المعرفة بحقهما ونية برهما أو خلاف ذلك، ومن غير ذلك مما في نفس المكلف، فهو سبحانه أعلم، وهو الذي يحاسب ويجازي، فأما الوالدان فقد يخفى عليهما ما في نفس الولد، فيظنان من يحبّانه بَرَّاً بهما وليس كذلك، وقد يغضبان على ولد فيظنانه عاقاً وهو برّ بهما محسن إليهما خافض لهما جناح الذل من الرحمة، فالآية تدل على: أن حكم الولد عند ربه، وأنه إذا كان صالحاً فلا يضره سوء ظن والدَيه؛ لأن ربه أعلم بما في نفسه فضلاً عن أقواله وأفعاله.

  وقوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} الأواب: هو التواب وهو مثال مبالغة يقال: آب بمعنى رَجعَ والمعنى الأوابين إلى الله أو الأوابين إلى الله الرجاعين إلى الوالدين فهم لا يصرون على معصية لربهم لا في حق الوالدين ولا في حق الله تعالى.

  (٢٦) {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} وهو ما أمر الله به، وقد أمر بإيتاء ذي القربى وقد مرَّ القول في دلالة ذلك على وجوب الإنفاق عليه إلا أن الوجوب على الوارث قبل غيره.