سورة الإسراء
  وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ٢٧ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا ٢٨ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا
  وقوله تعالى: {وَالْمِسْكِينَ} فله حق في الزكاة وحق في الخمس وحق في الإنفاق من المؤمن، كما دل عليه قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ..} إلى قوله تعالى: {.. وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}[البقرة: ١٧٧] وقوله تعالى {وَابْنَ السَّبِيلِ}.
  وقال الشرفي في (المصابيح): «وابن السبيل: فهو مارُّ الطريق المسافر المنقطع» انتهى.
  قلت: ومثل المنقطع، مَن هو مظنة أن ينقطع إذا لم يُعطَ ما يبلّغه.
  وقوله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} فالتبذير قسمان: إتلاف المال في غير منفعة ولا فائدة كما يفعل بعض الأغنياء في الضيافات من إلقاء بقية الطعام في محل القمامة، والقسم الثاني: إنفاق المال في معصية الله كإنفاقه في الخمر أو الميسر أوا لرشوة أو الربا أو غير ذلك كمعاونة الظلمة، وسواء أنفق المال بنفسه في أحد القسمين أو آتاه سفيهاً أو فاسقاً ينفقه في أحدهما أو كليهما فكل ذلك تبذير.
  (٢٧) {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} أما التبذير بإنفاق المال في معصية الله، فلأنه مع كونه معصية من حيث التسبيب للمعصية أو المشاركة به فيها فهو معصية قبيحة من حيث أن المال نعمة من الله على عبده فاستعماله في معصية الله كفر للنعمة قبيح قبحاً زائداً، مع أن كل المعاصي هي استعمال لنعمة الله في معصيته وذلك طاعة للشيطان ومؤاخاة له في معصية الله.