سورة الإسراء
  
  واتباع العقل لأن أصل الإنسان الجهل والغفلة والهلع، وإنما يخرج من الجهل بالنظر والتعلم ويخرج من الغفلة بإجابة داعي العقل إلى التذكر، فلجهله وغفلته يعرض عن ذكر ربه عند النعمة ويشتغل بها.
  والنأي: البعد وهو تمثيل لزيادة إعراضه وبعده عن الهدى، وجانبه: شقه كأنه مال بشقه عن إقباله إلى ربه ميلاً إلى الإدبار عنه، كأنه استغنى عن ربه {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ} مثل فقر ومرض وخوف {كَانَ يَئُوسًا} من فرج ربه وإتيانه باليسر بعد العسر، واليأس: ضد الرجا، فلم يلجأ إلى ربه ليكشف عنه العسر، وهذا في غير حالة الإضطرار والخوف من الهلاك كما مرَّ فيمن مسهم الضر في البحرفإنهم يلجأون إلى الله اضطراراً.
  (٨٤) {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً} قال في (لسان العرب): «والشاكلة: الناحية والطريقة والجديلة، ثم قال: وفي التنزيل العزيز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي على طريقته وجديلته ومذهبه» انتهى المراد. وقال في الجديلة: «والقومُ على جديلةِ أمرهم أي على حالهم الأول، وما زال على جديلة واحدة أي على حال واحدة وطريقة واحدة وفي التنزيل العزيز: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} قال الفراء: الشاكلة: الناحية والطريقة والجديلة، معناه: على جديلته، أي طريقته وناحيته» انتهى.
  وعلى هذا يكون الراجح {عَلَى شَاكِلَتِهِ} على طريقته التي ألِفها وصار يهواها لإلفه لها، وليس ألفها من مفهوم الشاكلة ولكنه لازمه، قال الشرفي في (المصابيح): «قال الإمام أحمد بن يحيى #: يقول: كل يعمل على طريقته وما يشتهيه» انتهى المراد.