سورة الإسراء
  بَشَرًا رَسُولًا ٩٤ قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا ٩٥ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا
  وقوله: {أَوْ تَرْقَى} أي تصعد وتطلع {فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} أي لطلوعك في السماء {حَتَّى تُنَزِّلَ} منها {عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} لأنه مخطوط في رق {قُلْ} يا رسول الله {سُبْحَانَ رَبِّي} تنزيهاً لَه وتبعيداً عما تقولون {هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا}؟ فلا أقدر على ما تطلبون من المعجزات، إنما أقدر على ما يقدر عليه البشر وهل كنت إلا {رَسُولاً} ليس لي من الأمر ما شئت، وإنما أبلغ رسالات ربي.
  (٩٤) {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً} {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ} من {أَنْ يُؤْمِنُوا} عدم الآيات الدالة على صدق الرسول فلم يقترحوا تلك الخوارق لعدم الآيات إنما لم يؤمنوا وتعنتوا لأنهم {قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً} أي لأنهم أنكروا ذلك وقالوا كيف يكون الرسول بشراً، أي أن ذلك غير معقول، والحصر والقصر هنا إضافي أي بالإضافة إلى آيات صدق الرسول ÷ لأن من الموانع حب الرئاسة الدنيوية وحب الدنيا والحسد والكبر والتعصب للأباء ولدين الآباء ونحو ذلك، فلهذا قلت إن الحصر إضافي كما حققته وقد مرَّ الجواب عليهم في (سورة الأنعام) في [آية ٨ وآية ٩].
  (٩٥) {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولاً} قال الشرفي في (المصابيح): «{يَمْشُونَ} على أقدامهم {مُطْمَئِنِّينَ} أي قارِّين في الأرض كالإنس لا يطيرون بأجنحة إلى السماء فيعلموا ما يجب علمه {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولاً} يهديهم إلى الرشد؛ لأن من حق رسول الأمة أن يكون من جنسهم؛ لأنهم به آنس» انتهى المراد.