التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 351 - الجزء 4

  وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا ٩٨ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ


  {وَمَنْ يُضْلِلْ} يتولَّه الشيطان {فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ} يهدونهم من دون الله؛ لأنه فاتهم هدى الله ولا بديل لَه {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ضُلاَّلاً كما كانوا في الدنيا ضلالاً، فنحشرهم {عُمْيًا} عن الحق {بُكْمًا} عن الإيمان به الإيمان الإختياري {صُمًّا} عن قبول الحق اختياراً {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} مصيرهم الذي يأوون إليه ويرجعون جهنم {كُلَّمَا خَبَتْ} خمد وَقُودُها {زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} فعذابهم مستمرٌ دائم.

  حكى الشرفي في (المصابيح): «عن القاسم بن ابراهيم # أنه قال: تأويل قوله تعالى: {عَلَى وُجُوهِهِمْ} فهو على صورهم التي فارقوا الدنيا عليها وهيئاتهم يحشرون وعلى ما كانوا عليه في الدنيا من الهدى والضلال يبعثون، وليس تأويل {عَلَى وُجُوهِهِمْ} ما يذهب إليه أهل الجهالات من تبديل الله يوم القيامة للخلق والهيئات التي كانوا عليها في الدنيا بديا» انتهى المراد.

  وقوله تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} محمول على سرعة الزيادة بحيث لا يتخلل فتور حرها؛ لأن الله تعالى يقول: {لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ}⁣[الزخرف: ٧٥] وقال: {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ}⁣[البقرة: ٨٦] ومع سرعة تجديد النار تكون كأنها لم تخبُ، كما تجدد نار السيارة مع احتراق وقودها كلما احترق بدِّل، فهي مستمرة لاستمرار إمدادها بالوقود فكذلك نار جهنم.

  (٩٨) {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} {ذَلِكَ} حشرهم على الحالة التي ذكرها وإيواءهم إلى جهنم في عذاب مستمر {جَزَاؤُهُمْ} بأنهم كفروا بآيات الله