التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 353 - الجزء 4

  تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا ١٠١ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ


  وقوله تعالى: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} أي جحداً بالبعث مع وضوح دليله ودليل قدرة الله تعالى عليه وذلك الكفور؛ لأنهم ظالمون لا يتحرجون من الباطل وجحود الحق.

  (١٠٠) {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} {قُلْ} هذه الرسالة رحمة من ربي الذي هو رب العالمين أرسلني رحمة لي ولهم؛ لأن بيده الخير ومنه الخير لا منكم، فأنتم في تحكمكم واشتراطكم لإيمانكم بي تلك الشروط لا تبطلون رحمةَ ربي؛ لأن رحمة ربي لا تملكون خزائنها الواسعة، وأنتم لو تملكونها {لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ} أن تنفد ولا يبقى لكم منها شيء، وهذا لأن الشح قد سيطر على أنفسكم - والله أعلم.

  {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} في (تفسير الإمام زيد بن علي @): معناه: مقتّر انتهى، ولعل {قَتُورًا} فيه دلالة على كثرة التقتير أي تضييق وإقلال النفقة؛ لأن فَعُولاً من أمثلة المبالغة مثل ضَرُوب. ووصفُ الإنسان بالإقتار إما باعتبار الأكثر والغالب، وإما باعتبار الأصل في طبيعة الإنسان، لقوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}⁣[النساء: ١٢٨] فالسخي إنما يطبع على قليل من السخاء لا يخرجه عن الإقتار، ولكنه لميله إلى السخاء أو إلى الشرف يربي غريزة السخاء حتى تغلب غريزةَ الشح، وهذا نظير وصفه بالهلع ثم استثناء أهل الصفات التي لا يجمعها إلا المؤمن الذي يتخلص من الهلع بقوة إيمانه.

  (١٠١) {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} فالتمرد على الرسول