سورة الكهف
  الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ٢ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ٣ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ٤ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ
  وأيضاً لو كان المراد أنه لم يجعل فيه عوجاً لكان قوله تعالى: {قَيِّمًا} كافياً إذا كان معنى {قَيِّمًا} سليماً من العِوج كما هو الراجح، فالراجح في تفسير قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} أنه تعالى لم يجعل له عوجاً في إنزاله بل أنزله بإرسال جبريل الأمين الذي بلغه كما هو من دون زيادة ولا نقصان ولا تبديل ولا تحريف ولو أنزله بإرسال الشياطين إلى الكهنة لكان في تبليغه تغيير منهم بسبب إنزاله بواسطتهم، فهو كقوله تعالى: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا}[الكهف: ٥١] والله أعلم.
  (٢) {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} أنزل على عبده الكتاب {قَيِّمًا} سليماً من العوج: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت: ٤٢].
  حكى الشرفي في (المصابيح): «عن المرتضى #: معنى {قَيِّمًا} فهو الثابت المصيب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وكل ما فيه نور وحجة ولمن عقله أكبر الدلالة قيم جميع أحواله قاهر لمن ناظره ..» إلخ.
  {لِيُنْذِرَ} أنزله على عبده لينذر كل من لم يؤمن ويعمل الصالحات {بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} فقوله تعالى: {بَأْسًا شَدِيدًا} أي شراً عظيماً وعذاباً أليماً يبيِّن أهمية الإنذار ليحذر البأس من أراد السلامة وليكون الإنذار حجة على من أبى {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥].