سورة الكهف
  
  وقوله تعالى {كَبُرَتْ كَلِمَةً} أي هذه الكلمة التي هي قولهم: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} قال الشرفي في (المصابيح): «وفيه معنى التعجب كأنه قيل: ما أكبرها كلمة إعظاماً لتجاسرهم على النطق بها ..» إلخ.
  وقوله تعالى: {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} تشنيع وتقبيح للكلمة وتسجيل عليهم بخروجها من أفواههم وتحملهم مسؤوليتها وعارها بذلك، وقوله تعالى: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} أي ما يقولون إلا كذباً؛ لأن الله ﷻ ما اتخذ صاحبة ولا ولداً سبحانه هو الغني وكفى في بطلان قولهم أن الله قال فيه: {إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} مع أن الدعوى يبطلها عدم الدليل عليها وكون المدعي لم يقلها إلا جزافاً بغير علم.
  (٦) {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} مهلك نفسك، قال في (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: قاتل نفسك ومهلكها، وقوله تعالى {بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} معناه: ندم» انتهى.
  وهذا إما تشبيه له ÷ في فرط أسفه بمن يخشى عليه إهلاك نفسه بالأسف عليهم، ونظيره في التشبيه قوله تعالى: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا}[الإنسان: ١٩] أو هو للمخاطب كأنه قيل: يُتَوقَّع أن تبخع نفسك، كقوله تعالى: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٤] وهذا أقرب وأظهر.
  وقوله تعالى: {عَلَى آثَارِهِمْ} أي آثار أقدامهم في الأرض حين مشوا متولين عنك، وقوله تعالى: {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا} شرط دليل جوابه قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} أي إن لم يؤمنوا يتوقع أن تقتل نفسك على آثارهم أسفاً أو لعلك إن لم يؤمنوا تبخع نفسك وهذا أرجح.