سورة الكهف
  رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ١٠ فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ١١ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ١٢ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ
  (١٠) {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} هذا أول موجز قصتهم، ويظهر أنهم صاروا إلى الكهف ليختفوا من قومهم ولما في الكهف من ظلال أو كنان أو دفئ، فهو قائم مقام بيت لهم {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} لأنهم يحتاجون إلى الأمن وإلى الطعام والشراب فطلبوا من ربهم حل مشكلتهم.
  {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} التهيئة للشيء: إعداده وجعله صالحاً لما أعد له، وقولهم: {مِنْ أَمْرِنَا} الذي هو مفارقة قومهم ومساكنهم واعتزالهم في الغار أي اجعل لنا من ذلك {رَشَدًا} وهدى لما فيه لنا الخير فقد توكلوا على ربهم وطلبوا منه أن ييسر لهم أمرهم ويصلح شأنهم.
  (١١) {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} {فَضَرَبْنَا} الفاء للتفريع أي أجبنا دعاءهم بالضرب على آذانهم سنين، و (في تفسير الإمام زيد بن علي @): «{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} معناه: بالنوم» انتهى، ومعنى الضرب على آذانهم: منعها أن تسمع، فهو كناية عن جعلهم نياماً، واستغنوا عن الطعام والشراب، وذهب عنهم الخوف {سِنِينَ عَدَدًا}.
  (١٢) {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} {بَعَثْنَاهُمْ} أيقظناهم وأقمناهم أو أيقظناهم فخرجوا من الكهف وأظهرناهم كما يأتي في تفصيل قصتهم، وهذا أظهر، لأنه تعالى علله بقوله: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} أي لنبتلي بقصتهم، فيظهر من يصيب في ذكر مدة لبثهم في الكهف، وهو يفيد: أن الناس اختلفوا في مدة لبثهم وصاروا في خلافهم حزبين كما اختلفوا في عددهم.