التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الكهف

صفحة 373 - الجزء 4

  غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ١٧ وَتَحْسَبُهُمْ


  تحتاجون إلى مأوىً وتحتاجون إلى مرتفق أي ما تنتفعون به من القوت وغيره ولعل الله أن {يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} وجزموا بذلك فقالوا ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً لقوة رجائهم في الله؛ لأنهم مهاجرون إليه بدينهم فاعتقدوا أنه لا بد أن ينشر لهم من رحمته؛ لأنهم في طاعته لأن فراقهم لقومهم ولما عند قومهم من حاجاتهم ورزقهم كان ضرورياً لحفظ دينهم فتوكلوا عليه في هجرتهم إليه، واهتدوا لذلك بهدى الله المذكور في قوله تعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}.

  ومعنى {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} يوسع لكم والنشر خلاف الطي كما أن البسط خلاف القبض، قال الراغب: «نشر الثوب، والصحيفة، والسحاب، والنعمة، والحديث: بسطها» انتهى.

  فقولهم: {مِنْ رَحْمَتِهِ} أرادوا به تيسير أمرهم وحل مشكلتهم بحيث يأمنون ويثبتون على دينهم، وقولهم: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ} التهيئة إعداد الشيء للغرض المطلوب منه، فالمعنى: يجعل لكم من شأنكم ما به يحصل لكم ما ترتفقون به، وأمرهم هو هجرتهم وذلك الذي أملوه أن يهيء لهم من هجرتهم سبباً لمعاشهم وإن كانوا لا يتصورون ما هو هذا السبب، وإنما ذلك توكل على الله وثقة به ومع ذلك دعوا الله تعالى كما مر فأجيبوا.

  (١٧) {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} {تَزَاوَرُ} تتحرف، وفي (معلقة عنترة) يذكر فرسه: