سورة الكهف
  
  فازور من وقع القنا بلَبَانِه ... وشكى إلي بعبرة وتحمحم
  يعني انحرف من وقع الرماح في صدره، قال شارحها: «الأزورار: الميل، والتحمحم من صهيل الفرس، ما كان فيه شبه الحنين ليَرِقّ صاحبه له» انتهى.
  وما قيل: من أن الأزورار الإنقباض، فلا ينافي هذا؛ لأن المنقبض يعرض فينحرف، فلعل الإنقباض سمي أزوراراً بهذا المعنى كما يسمى المنقبض منحرفاً.
  وقوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ} أي يراها الرائي الموجود هناك عند طلوعها ووقوع شعاعها في الكهف تزاور عنه ذات يمين الكهف أي إلى جهة الجنوب كما هي عادتها، وهذا مبني على أن الكهف بجملته متجه إلى الشمال شرقاً، ذات يمينه شرق إلى الجنوب، وذات شماله شمال إلى الغرب، فذلك صنع الله تعالى في الكهف حيث صنعه على هذا الشكل يوم خلقه أو هيّأه ليكون كهفاً يسكنون فيه لا تضرهم الشمس فيه ولا يحرم هواؤهم منها عند شروقها.
  وقوله تعالى: {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} فقبيل غروبها يبلغهم شعاعها ضعيف الحرارة كما هي عادتها عند الغروب فتقرضهم بغروبها عنهم أي تقطعهم، وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه تقطعهم وتجاوزهم» انتهى.
  قال الشرفي في (المصابيح): «قال المرتضى #: فأخبر سبحانه بلطفه لهم في الشمس في طلوعها وغروبها؛ لأنها لو دخلت عليهم لأحرقت أجسادهم وغيّرت ألوانهم فكانت إذا طعلت تزاور عن كهفهم كما قال سبحانه: {ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} أي تدخل [في] من الكهف دخولاً قليلاً، والقرض منها لهم: هو دخول يسير منها عليهم.