التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الكهف

صفحة 376 - الجزء 4

  


  قال في (الصحاح): «الفجوة: الفُرجة والمتسع بين الشيئين» انتهى، وفي (لسان العرب): «الفجوة والفرجة: متسع بين الشيئين - ثم قال -: والفجوة في المكان فتح فيه» انتهى.

  وعلى هذا: فالفجوة: متسع في جانب الكهف ذو فتحة إلى الخارج - والله أعلم - ويكفينا أن نعرف: أن الله سبحانه تولى حفظهم وأحسن رعايتهم في كهفهم.

  وقوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} أعتقد أن الإشارة إلى هدى الله لهم حيث وحدوه وفرّوا بدينهم وتوكلوا عليه فلجأوا إلى الكهف؛ لأن إيمانهم غلب وسواس الشيطان وتخويفه لهم من الجوع والضياع وتخويفه لهم من قومهم فهو إيمان قوي في سرعة عجيبة تطور ورسخ، وذلك دليل على أن هدى الله يبعث على ذلك وأمثاله، كما بعث السحرة على الإيمان بموسى وترك الحذر من خطر فرعون، فلنتعرض لهدى الله بحسن النية والإخلاص ثم بالطاعة والتقوى.

  وقوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} كالتفسير لقوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} يبين أن الهدى ليس له مصدر غير الله فمن فاته هداه حتى ضل فلن يكون له هدى من غير الله يتولاه بحسن الرعاية، ويرشده إلى سواء السبيل.

  نعم الهدى من الرسل والأئمة الهادين وغيرهم ليس إلا من هدى الله فمن لم يهده الله لم يهتدِ بالهداة، كما قال تعالى لرسول الله ÷: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[القصص: ٥٦].