التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الكهف

صفحة 385 - الجزء 4

  كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ٢٥ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ


  فأما التقييد بالشرط فيؤخذ من الوجه الأول؛ لأنه حين يقول سأفعله إن شاء الله لم يحصل منه الوعد المنهي عنه؛ لأنه غير جازم بل هو متردد بين أن يشاء الله وبين أن لا يشاء الله.

  وقوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} على مقتضى ما رجحت يكون المعنى: إذا وعدت قبل أن يأذن الله لك نسياناً منك ثم تذكرت فاذكر ربك واستغفره وارجع عن حتم الوعد بأن تقول لمن وعدته، أو قلت له: عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا الذي وعدت به أو قلته لعله يهديني ويَقْرُب أن يهديني لأقرب من هذا رشداً أي لما يكون رشده أقرب مما وعدت به أو قلته.

  (٢٥) {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} هذه مدة بقائهم في الكهف من حين دخلوه حتى خرجوا منها، وهو يفيد أنهم بعد أن قاموا من النوم خرجوا منه، ولعل ذلك حين رجع صاحبهم من المدينة وأخبرهم باختلاف الحال وأنه لا خوف عليهم من قومهم أو في حال انتظارهم له، فهذه المدة ثلاثمائة سنة قمرية وتسع سنين.

  وقوله: {سِنِينَ} بيان للثلاثمائة جار مجرى التمييز، ولا ينافي هذا الحساب زيادة أشهر أو أيام أو ساعات لأن الكلام في السنين فقط، وقوله تعالى: {وَازْدَادُوا} يظهر منه أنها كانت مصلحتهم في زيادة التسع كأنهم طلبوها بل كانت في الواقع من جملة ما طلبوه، حين قالوا: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}.