سورة طه
  وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ١١١ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ
  ولهذا فالراجح: المعنى الأول لكثرته في القرآن، واقتضاء وقت نزول القرآن له كما مر؛ ولأن الظاهر اشتراط اجتماع الأذن والرضى للشافع ليدل على أنه لا مكانة لعبد توجب له الأذن فيما ليس مرضياً عند الله، أما على التفسير وعلى قولهم أن المعنى ورضي للمشفوع قولاً يكون قوله ورضي له قولاً كالفضلة؛ لأن قوله: {أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} كاف في المقصود؛ لأنه لا يأذن لمن لم يرض له قولاً؛ ولأن القول هنا يكون مبهماً صالحاً لأي قول، ولو لم يكن واجباً فيكون التعبير ضعيفاً إن أريد قولاً مخصوصاً؛ لأن العبارة قاصرة عن إفادته.
  (١١٠) {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} تكرر مثل هذه الآية بعد نفي الشفاعة لمن لا يأذن له الله، ففي (آية الكرسي): {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ}[البقرة: ٢٥٥] وفي (سورة الأنبياء): {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}[آية: ٢٨] فالراجح في هذه الآية: أن الضمير راجع إلى من نفى شفاعتهم، و {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} المستقبل من أمورهم {وَمَا خَلْفَهُمْ} الماضي من أعمالهم وأمورهم إن عنى به الملائكة {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} لا يعلمون إلا ما علمهم بآياته الدالة على عظمته وجلاله.
  (١١١) {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} العاني: الأسير، جعلوا كالأسرى لذلتهم وانقيادهم وخضوعهم، أو هو حقيقة.