التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 545 - الجزء 4

  فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ١٢٦ وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ١٢٧ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى


  (١٢٥ - ١٢٦) {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ۝ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى} لا أجد لنفسي طريقة للنجاة ولا وسيلة للتخلص من العذاب، وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: عمى عن الحجة» انتهى.

  {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} أعرضت عنها وتركتها {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} تترك في العمى وإظلام الحال كما عميت في الدنيا عن آياتنا.

  قال الشرفي في (المصابيح): «عن الناصر الأطروش # أنه قال لأنه لما أعرض عن ذكر ربه فضلَّ في الحيوة الدنيا وعمي عن أمر ربه وعن التقوى، حشر يوم القيامة على ضلاله الذي هو أعمى [كذا] عن الهدى، ثم بين ذلك - جلّ ذكره - فقال: {رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} معنى ذلك: قد كنت أعطيتك بصراً تبصر به وعقلاً تعقل به أمري وتعرف به آياتي وأمري، ومعنى نسيت تركت ذلك فعاقبتك بأن تركتك من لطفي ورحمتي، وحشرتك على ضلالك وكفرك لنعمتي» انتهى.

  ومراده: ونحشره يوم القيامة أعمى، أي ضالاً عن الحق لا يبصر ببصيرته كما كان في الدنيا، والمعنى متقارب.

  (١٢٧) {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} {وَكَذَلِكَ} الجزاء الذي هو حشره أعمى ونسيانه {نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ} أسرف في العصيان بالغ فيه أو أكثر من الكبائر {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ} له {أَشَدُّ} من حشره أعمى ونسيانه.