التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 547 - الجزء 4

  وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ١٣٠ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ


  (١٢٩) {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} الراجح: أن الكلمة قوله تعالى: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}⁣[هود: ١١٩] وهي مؤجلة إلى أجل مسمى عنده أي مدلولها، فهي كافية في تعذيب الكفار، وهي سبب إمهالهم في الدنيا؛ ليكون الإمهال في الدنيا حجة عليهم في يوم القيامة {لَكَانَ لِزَامًا} أي عذاب هؤلاء كما عذبنا القرون الأولى ملازماً لهم كلما كفر كافر عذِّب في العاجل.

  وقوله تعالى: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى} أي وأجل لهؤلاء الكفار مسمى أي لولا كلمة سبقت من ربك يا محمد وأجل مسمى لهم لكان عذاب هؤلاء الكافرين بك لزاماً لهم أي ملازماً عاجلاً لا يفارقهم، فقوله تعالى: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى} أنهم لا يتركون في العاجلة بل يهلكون بعد أجل لهم مسمى كما لكل أمة أجل من الأمم المهلكة قبلهم.

  (١٣٠) {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} {فَاصْبِرْ} يا رسول الله {عَلَى مَا يَقُولُونَ} من التكذيب والباطل المؤذي واثبت على أمرك فلهم نهاية محدودة وأجل مسمى {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}.

  قال الشرفي في (المصابيح): «وأما قوله: {وَسَبِّحْ} فهو كقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}⁣[البقرة: ٤٥] قلت: هذا غير بعيد، ومثله في آخر (سورة الحجر): {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ۝ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}⁣[آية: ٩٧ - ٩٩].