التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 548 - الجزء 4

  


  والأرجح: أنه أمر له بالعبادة التي تخصه غير الإشتغال بهم تعبداً له ÷ لينال أجر ذلك في الآخرة؛ ولذلك قال: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ومثله ما نحن فيه.

  قال الشرفي |: «وقوله: {بِحَمْدِ رَبِّكَ} في موضع الحال أي فسبح - في (نسخة المصابيح) سبح - وأنت حامد ربك على أن وفقك للتسبيح وأعانك عليه» انتهى.

  قال: «والمراد بقوله: {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ} يعنى صلاة الفجر {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} الظهر والعصر {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} ساعاته أي ومن ساعات الليل فسبح أي فصل المغرب والعشاء الآخرة» انتهى، والأولى أن التسبيح على حقيقته، وأن المراد به في الصلوات المذكورة؛ لأنه في غيرها تطوع وهنا مأمور به، وجعل الظهر من الصلوات المذكورة في هذه الآية محل النظر، ولعل صلاة الظهر لم تجب إلا بعد نزول هذه الآية، وإن كانت متقدمة في الإسلام قبل الهجرة.

  وقوله تعالى: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} أوائله وأواخره، وليس هذا تكراراً فالأمر الأول {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} وقته محدود، والثاني {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ} وقته غير محدود؛ ولعل هذا من التطوع لأن فرض صلاة الليل كان قد سبق في (سورة المزمل) فيحمل التسبيح هنا: على أنه من بعد صلاة الفجر، وأواخر النهار فوقته أطراف النهار {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ} في أوله وآخره وأثنائه عند القيام للتهجد {لَعَلَّكَ تَرْضَى} أي رجاء الثواب الذي يرضيك في الآخرة، كقوله تعالى: {ولَسَوْفَ يُعطِيكَ رَبُّك فَتَرْضَى}⁣[الضحى: ٥].