التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 550 - الجزء 4

  


  فأما نصب {زَهْرَةَ} فقال في (مغني اللبيب) [ص ٥٢٢ - ٥٢٣ طبعة دار الفكر]: «والصواب: إن {زَهْرَةَ} مفعول بتقدير جعلنا لهم أو آتيناهم، ودليل ذلك التمتيع، أو بتقدير أذم؛ لأن المقام يقتضيه، أو بتقدير أعني بياناً لما أو للضمير ..» الخ، وإذا كان زهرة الحيوة الدنيا فهو فتنة.

  وقوله تعالى {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي لنبتليهم فيه، وهذا المعنى غير معنى قوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}⁣[الأنبياء: ٣٥] ففي هذه الآية الإبتلاء فيه، وفي الثانية الإبتلاء به، فالفتنة هنا الأمر بالإيمان والطاعة لله ورسوله في ثروتهم المطغية لهم التي هي سبب كِبْرهم وامتناعهم من الإيمان والطاعة، والله أعلم، وفيها مأخذ أن المال الذي بأيديهم من الله، وقد حكى عن المطرفية الخلاف في ذلك.

  وقوله تعالى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} أي رزق ربك لك خير؛ لأنه لا يشغلك عن ذكر الله {وَأَبْقَى} لأنه في الدنيا والآخرة.

  (١٣٢) {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} {أَهْلَكَ} قرابتك ونساءك، كما قال تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}⁣[التحريم: ٦] وقد جاء في (حديث الكساء) تفسير أهل البيت بأهل الكساء، وعندي أن الأهل وأهل البيت يختلف.

  وأما تفسير {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} أي قومك، فلعله من التطبيق بناء على أنه يفهم منه أمر القوم بطريق الأولى - والله أعلم - ومن البعيد أمر القوم بالصلاة في حال نزول هذه السورة؛ لأنها مكية، وكان أكثر قومه ÷ مكذبين، قال تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ}⁣[الأنعام: ٦٦].