سورة طه
  أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ١٣٣ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ
  وقد جاء في الروايات: عن أنس أن رسول الله ÷ كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: ٣٣]» انظر (الإعتصام) [الجزء الأول ص ٦٩] وما بعدها.
  وقوله تعالى: {وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} أي صبر نفسك عليها، وكأنه أبلغ من اصبر لزيادة تاء الإفتعال المقلوبة طاء، فهو مطاوع صبر فهو مشعر بانقياد النفس للصلاة والله أعلم {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا} كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ}[الذاريات: ٥٦ - ٥٧] {نَحْنُ نَرْزُقُكَ} فلم نخلقك إلا للعبادة {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} فهي خير من متاع الكفار الذاهب.
  (١٣٣) {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} {وَقَالُوا} تكرر في هذه السورة ذكر إنزال القرآن وإفادته مرات، فأولها: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} وفي أثناء السورة: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} وفي أواخرها {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} ومع كون السورة كلها قرآناً، وتأكيداً لكونه من الله.
  فالراجح: أن قوله تعالى: {وَقَالُوا} عطف على معنى ذلك، أي أنزلنا عليك الذكر {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ} أي هلا يأتينا محمد بآية من ربه تدل على أنه رسول، فأجاب الله عن قولهم بقوله تعالى: {أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} فهم يعلمون أن قد جاءت الآيات التي تبين ما في الصحف الأولى كقصة إبليس وآدم،