التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة طه

صفحة 551 - الجزء 4

  أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى ١٣٣ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ


  وقد جاء في الروايات: عن أنس أن رسول الله ÷ كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: «الصلاة يا أهل البيت {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب: ٣٣]» انظر (الإعتصام) [الجزء الأول ص ٦٩] وما بعدها.

  وقوله تعالى: {وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} أي صبر نفسك عليها، وكأنه أبلغ من اصبر لزيادة تاء الإفتعال المقلوبة طاء، فهو مطاوع صبر فهو مشعر بانقياد النفس للصلاة والله أعلم {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا} كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ۝ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ}⁣[الذاريات: ٥٦ - ٥٧] {نَحْنُ نَرْزُقُكَ} فلم نخلقك إلا للعبادة {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} فهي خير من متاع الكفار الذاهب.

  (١٣٣) {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} {وَقَالُوا} تكرر في هذه السورة ذكر إنزال القرآن وإفادته مرات، فأولها: {طه ۝ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ۝ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} وفي أثناء السورة: {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} وفي أواخرها {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} ومع كون السورة كلها قرآناً، وتأكيداً لكونه من الله.

  فالراجح: أن قوله تعالى: {وَقَالُوا} عطف على معنى ذلك، أي أنزلنا عليك الذكر {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ} أي هلا يأتينا محمد بآية من ربه تدل على أنه رسول، فأجاب الله عن قولهم بقوله تعالى: {أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى} فهم يعلمون أن قد جاءت الآيات التي تبين ما في الصحف الأولى كقصة إبليس وآدم،