سورة الأنبياء
  بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ ٥ مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ٦ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ
  وَالْأَرْضِ} أحاط علمه بأقوال أهل السموات والأرض فهو يعلم ما تقولون {وَهُوَ السَّمِيعُ} الذي من شأنه أن لا يخفى عليه صوت {الْعَلِيمُ} بما يُخفى وما يُعلَن وبكل شيء وهو يحكم بيني وبينكم ويجزيكم بظلمكم.
  (٥) {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} ترقَّوا في الباطل إلى القول بلا مستند ولا شبهة حيث جعلوا الإنذار والتبشير ونحوه استناداً إلى أحلام كثيرة لا حكم لها ولا تأويل، ثم ترقّوا إلى دعوى أنه {شَاعِرٌ} مع أنهم يعرفون الشعر له أوزان مخصوصة متعارف عليها بينهم، وليس القرآن عليها بل هو - أي القرآن - مخالف للشعر في أسلوبه وفي حكمته وإحكامه، ونزاهته عن خرافات شعراء الجاهلية، فدعواهم أنه شاعر مجرد عناد وتغرير على البُله.
  وقولهم: {فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} تجاهل للآية التي أتاهم بها، ودعوى أن القرآن الذي أعجزهم ليس بآية، وقولهم: {كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} أي أن الرسل الأولين أتوا قومهم بآيات فليأت محمد بآية كما أتوا بآيات إن كان صادقاً.
  (٦) {مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} جواب عظيم يشتمل على وعيد، نعم أرسل الأولون بآيات ولكن الآيات لم تمنع المتمردين من الكفر ولم تبعثهم على الإيمان، ما آمنوا وقد أتتهم الآيات أفأنتم تؤمنون وأنتم مثلهم، بل أنتم متعرضون للهلاك مثلهم، فكيف تؤمنون وأنتم مثلهم متعرضون للعذاب.