التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 560 - الجزء 4

  الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٧ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ٨ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ


  فقوله: {أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} أي أفهؤلاء المكذبون لك يا محمد يؤمنون دون الأولين وهؤلاء معاندون مجادلون في آيات الله بالباطل لا يريدون الحق ولا ينصفون؛ لأنهم لو كانوا منصفين لآمنوا بالقرآن، وفي هذا الجواب شبه قلب الدليل.

  (٧) {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} قد أقر هؤلاء المكذبون أن الرسل الأولين قد أرسلوا فكان هذا حجة عليهم يبطل تعلقهم بأن محمداً ما هو إلا بشر مثلهم فقد أرسل الأولون وهم بشر رجال يوحي إليهم ربهم، بل لم يرسل إلى الأمم إلا رجالاً يوحى إليهم، فبطل تعلقهم في تكذيبهم لمحمد بأنه بشر مثلهم، وكونهم رجالاً معلوم عند أهل الكتب السابقة فاسألوهم عن هذا، فإنهم يخبرونكم به {إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أنهم كانوا رجالاً.

  وليس المراد: أن يقلدوا أهل الكتاب، ولا أن يقبلوا خبرهم في غير هذا، ولكن المراد: أن يقبلوا خبرهم في أن الرسل كانوا رجالاً وهو الحق ليقطع ذلك جدالهم، وفيه مأخذ لسؤال أهل العلم عند الجهل، وجعل هذه في أهل البيت $ من التطبيق أي بالنظر إلى دلالتها على وجوب السؤال على الجاهل، وبالنظر إلى أنهم أهل الذكر من حيث أنهم قرناء القرآن بدليل (حديث الثقلين) وغيره.

  وعلى هذا: يحمل ما رواه الحاكم الحسكاني بإسناده عن الحارث، قال: سألت علياً # في هذه الآية: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ