التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 562 - الجزء 4

  آخَرِينَ ١١ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ ١٢ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ١٣ قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا


  (١٠) {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ} أيها المكذبون بالقرآن {كِتَابًا} يبقى مع الأجيال لهدايتهم {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} يبقى لكم مع الأجيال المستقبلة إن آمنتم به واتبعتموه تُذكَرون في كل جيل فيبقى لكم الشرف إلى يوم القيامة {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} حين خالفتم ما هو الخير لكم وجادلتم فيه وحاولتم إبطاله ما هذا بشأن أهل العقول لو استعملتم عقولكم لآمنتم به، فقوله تعالى: {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي تذكرون بسببه أي فيه شرفكم ورفع قدركم، كما ذُكِرَ علي #، وأبو ذر، وعمار ... وغيرهم.

  (١١) {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ} قال الشرفي في (المصابيح): «قال الحسين بن القاسم #: القصم في اللغة: هو الكسر والحطم» انتهى المراد، وفي (الصحاح): «قصمت الشيء قصماً: إذا كسرته حتى يبين» انتهى.

  فالمراد في الآية كم دمرنا من قرية تدميراً كاملاً، وقوله تعالى: {كَانَتْ ظَالِمَةً} يبين أن المراد القرية مع أهلها أو الأهل مع القرية كما في (سورة الإسراء) {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}⁣[آية: ١٦] وقوله تعالى: {وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ} أي خلائف لنبلوهم.

  (١٢) {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} {أَحَسُّوا} رأوه أو سمعوه، أي أهل القرية الظالمة {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} يهربون فراراً من العذاب الذي هو بأس الله.