التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 563 - الجزء 4

  


  قال الشرفي |: «قال الحسين بن القاسم #: ومعنى الركض الإنكاص والهرب، وأصل الركض تحريك الرجل على الدابة أو على الأرض معروف ذلك في لغة العرب» انتهى المراد.

  قلت: التعبير عن الفرار بالركض هو ركض الدابة بعقب القدم لتسرع في سيرها، فأهل القرية حين أحسوا العذاب يركضون وهم ركبان هاربين من العذاب، فأما قول الله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}⁣[ص: ٤٢] فهو ركض في مكانه ليس سيراً، لأنه مريض، ضرب برجله فظهر ماء عذب كما قال تعالى: {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}⁣[ص: ٤٢].

  وفي تفسير (الإمام زيد بن علي @): «{فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} وَجَدوا {يَرْكُضُونَ} معناه: يسرعون» انتهى.

  (١٣) {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} {لَا تَرْكُضُوا} خطاب لهم ليتركوا الفرار، ولعله تهكم بهم كقوله تعالى: {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} من الدور وما فيها من الأثاث والنعم المتوفرة {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} راجين أن تسألوا أي ارجعوا لعلكم تسألون، أما ما هو السؤال عن أي أمر فيحتمل لعلكم تسألون كما كنتم تسألون ما هو رأيكم في كذا، والخدم ما نعمل، والمحتاجون هل تتفضلون علينا، وكل ذلك لا يكون وإنما هو تهكم بهم لاشتغالهم بطلب النجاة وفرار الكل من أهل القرية.

  ويحتمل: لعلكم تسألون كيف صارت وماذا نزل بها، وهو أيضاً تهكم بهم؛ لأنهم مشغولون بأنفسهم يريدون نجاتها، والخطاب هنا والله أعلم إنما هو بلسان الحال كما في نظائر هذا الموضوع من القرآن.