التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 566 - الجزء 4

  مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ١٩ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ٢٠ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ


  فحاصل المعنى: أن السموات والأرض وما بينهما لا بد أن يكون خلقها لحكمة؛ لأنه سبحانه حكيم، ولم يخلق هذه الدار للهو؛ لأنه لو أراد أن يتخذ لهواً لأتقن صنعه ليكون لهواً فائقاً لكل لهو لا كصنع السموات والأرض وما بينهما الذي ليس من اللهو، فلا بد أن هذا العالم خلق لحكمة وعلى الكفار أن لا يجحدوا الحكمة ولا يعتبروه لهواً ولعباً {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}⁣[المؤمنون: ٩١].

  وقوله تعالى: {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} تأكيد للشرط الذي هو {لَوْ أَرَدْنَا} للدلالة على أن هذا مجرد فرض وتقدير لا يكون أبداً؛ لأنه لا يليق بحكمته وغناه عن كل شيء.

  (١٨) {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ} أي نرمي به الباطل فيبطله، شبه بإلقاء الحجر أو نحوه في رأس إنسان أو غيره {فَيَدْمَغُهُ} يصيب دماغه {فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} هالك ميت كذلك ينزل الحق فيظهره ويبطل الباطل، وقوله: {بَلْ} إضراب عن فرض اتخاذ اللهو، أي سبحانه بل يحق الحق ويبطل الباطل {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} وعيد للكفار لجحدهم البعث وإرسال الرسول.

  (١٩ - ٢٠) {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ۝ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ ..} فهو المستحق لأن يعبدوه والملائكة المقربون {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} لأنهم يؤمنون به ويعلمون أنه ربهم المستحق للعبادة {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} لا يقطع عبادتهم تَعَبٌ، بل {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}.