التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 571 - الجزء 4

  مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ٢٩ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا


  كما قال تعالى في بعض الأنبياء: {وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}⁣[مريم: ٥٥] وهو إسماعيل #، وقال تعالى حاكياً عن زكريا: {وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}⁣[مريم: ٦] والمرضي عند الله هو المتقي، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ..} إلى قوله تعالى: {.. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ}⁣[البينة: ٧ - ٨].

  والشفاعة للمؤمنين من الملائكة لحبهم لهم، قال تعالى: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ۝ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}⁣[غافر: ٧ - ٨].

  وقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} قال الراغب: «الخشية: خوف يشوبه تعظيم» انتهى، ومن حيث أن الخشية خوف والإشفاق مسبَّبٌ عنها فلا بد أن الإشفاق المحاذرة ومحاولة النجاة لا مجرد الخوف، قال الراغب: «الإشفاق: عناية مختلطة بخوف» انتهى، وقال في (الصحاح): «وإذا قلت أشفقت منه فإنما تعني حذِرته» انتهى.

  قال الشرفي: «{وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} خائفون حذرون من أن يفرط منهم فرطة» انتهى المراد.

  (٢٩) {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} {وَمَنْ يَقُلْ} أي لو قال {مِنْهُمْ} أحد؛ لأن مَن حرف شرط لا يدل على وقوع شرطه في المستقبل ولا في الحال.