التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 572 - الجزء 4

  وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ٣٠ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ٣١ وَجَعَلْنَا


  وقوله تعالى: {مِنْهُمْ} أي من الملائكة {إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} أي من دون الله {فَذَلِكَ} القائل {نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} يعذب فيها {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} سماه ظالماً لأن الشرك ظلم عظيم، ومن قال: {إِنِّيَ إِلَهٌ} قد أشرك بجعل نفسه شريكاً لله سبحانه في الإلهية.

  (٣٠) {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} {أَوَلَمْ يَرَ} تقدمة لذكر آية عجيبة لا لإثبات الرؤية ولا للتوبيخ على عدم الرؤية {الَّذِينَ كَفَرُوا} بالآخرة استبعاداً لإحياء الجسد بعد موته {أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} مخلوطتين كالشيء الواحد، أو كانتا شيئاً واحداً.

  وفي (تفسير الإمام زيد بن علي @): «معناه: كانت السموات والأرض واحدة ففتق من الأرض سبع أرضين، ويقال: فتق السماء بالمطر والأرض بالنبات» انتهى.

  ويمكن على ما روي من قول الإمام زيد #: كانت واحدة أن السموات والأرض كانت شيئاً واحداً هو الماء، كما روي عن الإمام علي # في (نهج البلاغة): «فأحرق الله بالنار زبده بعد مخضه بالرياح، فخلق السماء من دخانه والأرض من حراقته الباقية» وهذا يناسبه قوله تعالى في الآية هذه عطفاً عليه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} فالسماء من الماء والأرض من الماء، وكل حي من الماء، ويناسب كون السماء والأرض مخلوقتين من الماء قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}⁣[هود: ٧].