سورة الأنبياء
  عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ٨٢ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ٨٣ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى
  (٨٢) {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} وسخرنا لسليمان {مِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} في الماء العميق، ولعل ذلك ليجلبوا له الدر والمرجان والعنبر من البحر، وقوله تعالى: {وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ} لعله يفسره قول الله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}[سبأ: ١٣] فهذا عمل دونه حول سليمان أقرب من الغياصة، وقوله تعالى: {وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} إذا كان الضمير للشياطين المذكورين فحفظهم بمعنى قهرهم وإبقائهم في سلطة سليمان لا يستطيعون الفرار منها أو يغلبهم الخوف من سليمان فيمنعهم من الفرار.
  (٨٣) {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} {وَأَيُّوبَ} آتيناه رشده، اذكر {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} دعاه دعاء كالنداء، ولعله شبه بالنداء لأن المنادي يرفع صوته ليسمع المدعو فيجيب، وهذا الدعاء فيه عناية لإجابته، وقوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} تفسير الدعاء شكوى من الضر الذي مسه، وقوله: {وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} طلب لرحمة الله له بالشفاء من مرضه.
  ومعنى {أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} أن رحمته أفضل رحمة وأبلغ رحمة؛ لأنه يرحم عبده المؤمن فينجيه من النار ويدخله الجنة فيسعد أبداً ويرحم عبده في الدنيا بما لا يقدر عليه إلا هو ورحمته وسعت كل شيء.