التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأنبياء

صفحة 605 - الجزء 4

  لِلْعَابِدِينَ ٨٤ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ٨٥ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ٨٦ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ


  (٨٤) {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} دعاءه {فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} وهذا شفاء عام وعافية تامة {وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ} يفيد: أنهم كانوا قد فارقوه فإما أنهم كانوا قد ماتوا فأحياهم كما يروى، وإما أنهم كانوا قد هجروه بسبب مرضه، فلما عوفي رجعوا له {وَمِثْلَهُمْ} في عددهم وصفتهم مثلاً زوجات وبنين {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} كشف الضر وإعادة الأهل وإتيانه مثلهم معهم كل ذلك رحمة ليس فتنة كما يكون للفجار، كما قال تعالى فيهم: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا ..} الآية [التوبة: ٥٥]. وقال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ..} الآيتين [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].

  وقوله تعالى: {وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} تذكرهم برحمة الله وتبعث في قلوبهم الأمل في رحمة الله إذا صبروا وتذكرهم بفضل الصبر كما صبر أيوب # فكانت عاقبة صبره رحمة عاجلة ورحمة آجلة.

  (٨٥) {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} {وَإِسْمَاعِيلَ} آتيناه رشده {وَإِدْرِيسَ} كذلك {وَذَا الْكِفْلِ} كان نبياً من أنبياء الله {كُلٌّ} منهم {مِنَ الصَّابِرِينَ} ومن صبر إسماعيل استعداده لذبحه {قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}⁣[الصافات: ١٠٢] ويكفينا خبر الله تعالى {كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

  قال الشرفي في (المصابيح): «وأما ذو الكفل فكان نبيئاً كفل بأمر وَفَى به فضُعِّف ثوابه، قاله في (البرهان]) ولعل الله تعالى وصفهم بالصبر لنقتدي بهم، كما قال في أيوب: {وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}.